www.amalkayasseh.blogspot.com

2003/07/12

الرجال الصغار... الأوراق!


قال سعاده العظيم في " من الظلمة إلى النور"-الأعمال الأدبية:" فأوضحت للمتزعزعين مقدار الخطر على مجتمعهم وعلى أنفسهم من تقلبهم في العقائد تقلب الأوراق تلعب بها الريح"..
عندما كنت طفلة، كنا نلعب في باحة ملعب المدرسة الداخلية وننشد أغنية بالفرنسي، مطلعها:" كان يوجد رجل صغير، يدور مثل البلبل، وهو فستق، و كان رجل من ورق و منزله من ورق"، وتعلو ضحكاتنا بسبب ذلك الرجل المصنوع من ورق...
أما الآن، مع خبرة السنين، أنظر إلى ما حولي و أرى الكثرة من الرجال الصغار المصنوعين من الورق... الأوراق.. لكن للأسف، سكتت الضحكة...وبقيت التساؤلات...
سألني الرفيق ـ الصديق نضال من الانفو بعد أن أخبرته أنني بصدد كتابة مقالاً عنوانه" الرجال الصغار": " الهيئة طالع خلقك عالرجال هالإيام !!” فأجبته:" لا، فقط على الرجال الكاذبين تجاه أنفسهم وتجاه غيرهم وخصوصاً رفقائهم، هؤلاء الذين نسوا قسمهم ومعنى الأخلاقية والمناقبية وقيمة الكلمة المعطاة !!
فطلب مني أن أشرح له ما أعنيه، وطلبت منه قراءة مقالي، لعله يجد الجواب بنفسه..
استلمت منذ أسبوع بطاقة دعوة لحضور قران رفيق لنا، فتصورت فرحه في هذا اليوم مع هذه الرفيقة الصديقة التي كانت تربطه بها علاقة حب لمدة ثلاث سنوات، كنا نلتقي بهما معاً في كل المناسبات و نسرّ بالتفاهم و المحبة التي تربط بينهما. فتحت البطاقة لمعرفة موعد ومكان العرس، فإذا اسم شريكة حياته المستقبلية اسمٌ مختلف ...
وماذا عن هذا الرفيق الأب، الذي يعيّش ابنته الرفيقة العزيزة على قلبي مأساةً حقيقية، من خلال منعها من اللقاء برفيق لنا تربط بينهما علاقة حب صافية ورائعة منذ سنوات ( ولا يبقى لهما سوى المواعيد السرية!) ويرفض هذا الرفيق الأب القبول برابط زواج يجمع ما بين ابنته وهذا الشاب ويظهر حبهما على العلن، بحجّة أن هذا الرفيق من طائفة مختلفة ومستوى عائلي اقل قدراً من عائلته هو!!
عن الحب، كتب سعاده في" طريق الفكر السوري"- الأعمال الأدبية:

" تعالوا نأخذ بنظرة إلى الحياة والكون والفن نقدر، على ضوئها، أن نبعث حقيقتنا الجميلة العظيمة من مرقدها- حقيقتنا، التي لا ترى الحب خدوداً ونهوداً وقدوداً دونها القتاد والقض، ولا ترى الشباب أفواهاً ملصقة بأفواه وشرراً محتدما في المقل وثغوراً لاهبة تضطرم فيها شعلات القبل، بل ترى الحب نفوساً جميلة في مطالب عليا عظيمة تحمل النفوس في سبيلها المشقات الهائلة، التي يذللها اتحاد النفوس في وحدة الشعور والمطلب ـ الحب الذي إذا قرّب فماً إلى فم ِ سكب نفساً في نفس ِ، وكل واحدة تقول للأخرى: إني معك في النصر والاستشهاد من أجل ما تأبى نفسانا إلاه ولا تستعظمان أمراً ولا تضحية يكون بهما بلوغه والاحتفاظ به."
هذا الرفيق الآخر، طلب مساعدتي له في أمور مختلفة، فكنت ألبّي طلبه بدون حساب للوقت أو الجهد وبدون أي تردد، نظراً لكونه رفيق و يربطني به قسمي وانتمائي( أنا أمل أقسم بشرفي وحقيقتي ومعتقدي على أنني انتمي إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي... وأن أقدم كل مساعدة أتمكن منها إلى أي عضو عامل من أعضاء الحزب متى كان محتاجاً إليها..) وصداقة حقيقية( هكذا كنت أظن!)، فأقوم بما يطلبه مني أو أمدّه بالمساعدة المادية لحاجة طرأت عليه في هذا الزمن الاقتصادي الصعب(" سترّد لي المال متى استطعت، ليست بمشكلة ما بين الرفقاء والأصدقاء"، كنت أؤكد له) وكان هو يساعدني بالنصح المعنوي في قضايايّ الشخصية، ودامت هذه الرفقة- الصداقة لمدة سنتين، وامتدّت لتشمل عائلتينا مع ما يترتب على هذا من زيارات وواجبات ما بيننا، لم تدخل فيها أية شائبة أو شبهة أو خصام أو خطأ. وفي عصر تلك الليلة يطلب مقابلتي، و يقول: " نحن رفقاء وأصدقاء، لكننا لن نلتقي بعد الآن!" هكذا، ومن دون أي غلط صدر مني أستطيع أن أذكره!!.. ولما أسأله عن الأسباب، يردّ أنه في حالة نفسية مزرية، فأؤكد له أن الرفقة والصداقة تعنيان المشاركة مع الآخر إن كان في الفرح أو في الحزن والصعوبات، وبالرغم من حديثي وطلبي الملحّ له لفهم أمر قراره هذا من أجل معالجته و الحفاظ على صداقتنا، لم يستجب، وافترقنا، وفي قلبي غصّة وحزن. وفي اليوم التالي، يعاود الاتصال وطلب اللقاء، فاستجيب كالعادة ظناً مني أنه يريد مساعدة ما وآملة في دفين نفسي لعلّني أسمع منه كلمة تؤكد الموّدة والصداقة الماضية ما بيننا، فإذا به يعيد ما قاله عصر اليوم الفائت!! ( مثل ما يقول المثل الشعبي الفرنسي: يحرك مجدداً السكين في الجراح!) وبعد مرور شهر على هذا، أتصل به هاتفياً لأمر له علاقة بالعمل الحزبي، فيتمنى عليّ عدم الاتصال به مباشرة على رقمه الشخصي بعد الآن!! يا للعجب!! هكذا... إنسان يمحي ويلغي انساناً آخر بشحطة قلم، بدون كلمة شكر أو اعتذار أو تفسير أو غيره !!. .وذهبت الرفقة- الصداقة، ونُسي المعروف، و ذهب معهم المال المقترض ( الذي لم أطالبه به طوال هاتين السنتين)!!
ماذا أخبرك عن هؤلاء الرفقاء الآخرين، الذين يعدونني مراراً وتكراراً بتسليم مقالات لهم لنشرها على صفحة الانفو، ويعطونني الموعد تلو الموعد، فأترك انشغالاتي المعيشية و العملية والمنزلية والعائلية الخاصة وأذهب لاستلام المقال المذكور، حماساً واندفاعاً مني مثل بقية الرفقاء الراغبين بنشر الثقافة والوعي النهضوي على الانترنت لكي يتسنى للجميع قراءتهم، فيتبين لي أن المقال ليس جاهزاً بعد، " انشغلنا هذه الأيام الماضية، لكن بهالنهارين سنسلمه إياك، من كل بدّ!" و يمضي نهار الغد والذي بعده، وأتفاجأ عند قراءة إحدى الصحف المحلية بوجود مقال لهؤلاء فيها!!!
وهذا الرفيق الآخر، الذي لم تفعل النهضة فعلها في نفسه، والذي ما زال يعتبر المرآة أقل شأناً من الرجل ويعاملها على أنها تابعة دونية للعنصر الذكوري وعقلها ناقص وهي قليلة الفهم والعلم والذكاء والمعرفة، وحتى لو كانت رفيقةً له عاملة معه في المؤسسة الحزبية وتفوقه علمياً وعملياً، وحتى لو كانت رفيقة من عائلته ذاتها! والغريب العجيب أنه لم تجدي خبرة سنينه نفعاً لتغيير نظرته نحو المرأة ولا موقعه الاجتماعي والريادي في الصحافة لتخطيه هذه العقد وهذا التمييز الذي يعتبره الزعيم من الأمراض الاجتماعية في مجتمعنا!
واستمع إلى قصتي مع ذلك " الرفيق" الذي أعجب بشخصيتي و بجمالي (العادي جداً)، فحاول التصرف كالكبش المندفع، فصدّيته، فاستعمل وسيلة ولدانية بخيسة للانتقام من رفضي له، بالتوجه نحو رفيقات صديقات لي و المشورة عليهن بعدم توجيه الكلام لي بحجة أنني ذكرتهن بالسوء( لكنه نسي أنهن صديقات لي، فأعلمنني بالأمر)!! والمضحك- المبكي استعماله هذه الوسيلة الغادرة، إذ أنني، كرفيقة عاملة و ذات مسؤوليات في عدة أصعدة ومجالات وأعمال وخصوصاً مع عائلتي المكونة من سبع أشخاص، ليس لديّ حتى الوقت للراحة والنوم مثل ما أحلم به، فكيف اذاً بالنميمة و ذكر أخبار الآخرين ؟
وماذا أقول عن هؤلاء الرفقاء " المقاطعين"أو " المترددين" أو " الزعلانين" الذين يجوبون اللقاءات والتجمعات ما بين الرفقاء و يؤستذون بالعقيدة والفكر والعّفة والطهارة، وأنهم هم الوحيدين على حق والكلّ غيرهم على خطأ، ويوجهون التهم تلو التهم يميناً ويساراً تجاه فلان أو علتان( مع أن ملفاتهم الشخصية ليست ناصعة البياض!)، فأتصدى لمنطقهم بالطلب إليهم بإبداء الرأي بطريقة نظامية مرفقاً بالأدلة والبراهين لكي تصل شكواهم إلى المصادر الحزبية العليا التي عليها هي اتخاذ التدابير لتصحيح المسار إذا وجدت الأخطاء، وأبين لهم بالمناقشة المنطقية بأن الرفيق القاعد في منزله لا يمكن للآخرين سماع وجهة نظره، بل عليه التفاعل مع رفقائه ضمن متحدّه لكي يأتي التغيير والخلاص. فينظرون إليّ نظرة معاتبة كمن يقول" انظروا إليها، هذه الرفيقة الطيبة القلب الغبية!!" ويتمنون عليّ التوقف عن العمل الحزبي لكي" لا تصيري حطب زيادة لهم( ويعنون ب" هُم" المركز)" محاولةً لزرع الإحباط في نفسي وحثيّ على الانكفاء أيضاً.

لكن، وكما أرى بأم العين، متى يُعرض على هؤلاء الرفقاء تسلم مسؤولية حزبية أو مركزية، تجدهم هم أول المتهافتين عليها، فيغيرّوا بندقيتهم من كتف إلى كتف آخر بكل سهولة وبدون أي تأنيب للضمير بخصوص ما ذكرته عنهم، ويصبحون هم من أكثر الناس دعاةً للانضمام للمؤسسة الحزبية والعمل فيها!!
وتسألني بعدها، يا رفيقي، ماذا أعني بالرجال الصغار..الأوراق؟

لدي رجاءً عندك، لا تصبح مثلهم وأبقى كما أنت!

بحث هذه المدونة الإلكترونية

أرشيف المدونة الإلكترونية

Powered By Blogger
Powered By Blogger
Powered By Blogger

المتابعون


Translate

المشاركات الشائعة

المشاركات الشائعة