www.amalkayasseh.blogspot.com

2005/07/01

إلى أمي الغائبة .. في عيد مولدها


طلع صباح 20 آب.. فتشت عنك في غرف المنزل.. مع محبتي كهدية أقدمها لك في عيد مولدك، ككل سنة.. ولأقول لك أنني أحبك.... فلم أجدك.. أصبحت غائبة..

أين أجدك يا أمي ؟

أأذهب إلى ضريحك أغسله دمعاً وأفرشه زنبقاً بلدياً كما كنت تحبينه و أملأه صلاتا تسكن الألم ولا تمحي الفراق؟

أألمس أغراضك و قبعاتك وأضع من قنينة رائحتك المفضلة ؟

أأجلس أحتسي القهوة وأدخن السجائر وأنتظر أن تستيقظي وتجالسينني؟

أم أبقى في الليل المتأخر أنظر إلى السماء بنجومها وبدرها لعلك تأتين وننظر إليها معاً؟

كل هذه الأمور ، لن تنفع.. ما زلت غائبة ...وما زلت وحيدة... أفتقد لحنانك و لعطفك علي..

وأسكن مع غربتي من دونك معي...

أشتاق لضحكتك ولحركتك و لكلماتك.. لوجودك يملأ المكان فرحاً و " جمعية البسط والانشراح" التي اخترعتها...

أشتاق إليك أيتها الإمرأة العظيمة التي علمتني كيف أصمد في الحياة، وكيف أكافح، وكيف أعطي،وكيف أربي، وكيف أفتح أبوابي لمن هم بحاجة الي، وكيف أداوي الجراح، وكيف اهدي من نفسي لما أؤمن به، وكيف.... وكيف...

أشتاق إليك أيتها المناضلة التي شرحت لي معنى الانتماء، والأرض، والكرامة، والواجب، و...و...

أشتاق إليك أيتها المبدعة الذواقة، أنت التي أمسكت بيدي أول مرة حملت فيها فرشاة الرسم، والتي من على حضنك أدخلتني عالم الموسيقى والشعر والفن...

أشتاق إليك يا أمي...أيتها الانسانة الرائعة... يا حبيبتي....يا غالية...

كل عام ومحبتك في قلبي بألف خير...

*ذكرى وفاة الوالدة في 1 شباط

أيتها الأم، إنني أحاسبك!!


" أمك، أمك، أمك...ثم أباك!"

" الجنة تحت أقدام الأمهات"
أية أم هي التي تُذكر في هاتين الجملتين التي يرددها الناس، و كل واحدة منهما سلاح ذو حدّين؟
هل الأم هي المرأة ذات الدور البيولوجي الإنجابي، التي تتحمل مشقة الحمل تسعة أشهر ثم أوجاع الولادة والإهتمام بالطفل، وهو دور طبيعي ومهم وأساسي لإستمرارية الحياة البشرية؟
هل الأم هي تلك المرأة التي تقوم بعمل " واجبها" تجاه زوجها وعائلتها الأساسية وعائلته هو، فتقوم ميكانيكياً بما هو مفروض عليها من المجتمع حولها وبما تربّت عليه، كل ذلك من أجل المحافظة على وضعها كإمرأة متزوجة وكأم لأولاد من ذرية الرجل؟لذا،نراها تقوم بتفضيل الولد الذكر على الأنثى ومعاملته بشكل مختلف عن البنت التي هي صورة عنها هي وعن وضعها هي " المكسورة الجناح".
وعند حصول نقص في علاقتها مع زوجها، وفي حال شعرت بوجود عدم كفاية عاطفية أو جنسية أو حياتية معه، تقوم بإستعمالها قدرتها على الأولاد أو بالإنتقام من الحالة التي هي فيها على أولادها الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم بسبب صغر سنهم وقلة خبرتهم، فتقسو عليهم معنوياً وجسدياً، مستعملة بذلك سلاح كلمة " الأم" والصورة الطوباوية والهالة المقدسة التي تحيط بكونها الأم، ومورثة لهم حقدها وعدم إكتفائها ممّا تشعر بحاجة ماسة إليه لكنها غير قادرة على الحصول عليه.ولا تستطيع طلب الطلاق من زوجها بسبب وجود الأولاد وكذلك الأحكام الدينية التي تعطي أفضلية القرار للرجل، وإن توصلت إلى الإفتراق عن عائلتها وإعادة المبادرة لها وحق الإختيار والتعبير عن رغباتها، فإن المجتمع الجاهل سيحكم عليها هي أنها أم غير كفؤ وأنها تخلت عن أولادها بسبب أهوائها الشخصية، خصوصاً إذا كانوا ما زالوا قاصرين.فتبقى هذه الأم مقسّمة في حياتها، تعضّ على الجراح، وهذا لا يساعدها أو يساعد عائلتها وأولادها وصورتها عندهم.
أم هي الأم تلك السيدة في زمننا المادي الرديء هذا، تلك التي تسلّم أولادها لأشخاص بهدف أن يهتم ويعتني غيرها هي بهم فتفوّضهم معنوياً وحياتياً لرعاية وتربية فلذات كبدها (هؤلاء الأشخاص ممكن أن يكونوا من القريبات المحبين من العائلة أم من الخدم)؟ ثم عندما تعود لها " حنيّة الأمومة" أو ترتاح هي، تأتي بجبروت وضعها كأم تطالب الطفل أن يعيد لها حقها عليه كأم له، هذا الحق التي تخلت عنه أو تناسته متى أرادت وتذكرته متى أرادت، دون الأخذ بعين الإعتبار مشاعر الطفل الذي يجد نفسه في حالة من الضياع والصراع ما بين عاطفته تجاه الإمرأة التي أحبته وإهتمت به وهذه السيدة التي تدّعي أنها أمه البيولوجية، فيولد من جراء هذا عدم إستقرار وخربطة وضعه العاطفي.ويزيد الطين بلّة عندما تقوم هذه الأم بأعمال قصوى بعدم منطقيتها: أمّا السماح لولدها بأي تصرف يظهر عنه وإعطائها له المبررات والحجج الواهية ظناً منها أنها بهذا تكسب محبته عن جديد ومسامحته لها؛ أما توبيخ ولدها بإستمرار وحتى تعنيفه بالكلام أم بالضرب وتوجّيه الإتهامات إليه أمام الجميع على أنه قاسي القلب غير حنون تجاه أمه التي تحبه وتهتم به ، مع الإدّعاء أنها قد أُجبرت على ما بدر منها تجاهه لأسباب مهمة خاصة بها وبزوجها، وقد نسيت فترة نسيانها هي له. كل ذلك دون أن تكترث وتحترم رغبات ولدها وتوجهه في الحياة. ومع تقدمه في العمر، تكبر الفجوة وتخلق حالة صراع ممكن أن تؤذي الكثيرين.
إن الأهل لا يرّبون الصبية، أم المستقبل، بطريقة سليمة تجعلها قادرة لأن تنشىء طفلها في العائلة التي ستبنيها هي وزوجها، فنجدها تقوم بتربية ولدها( صبي أو بنت) بشكل غير متطور لا يساعده على تنمية شخصيته. وبذلك تجعل منه إنساناً معقداً يؤثر سلبياً على تقدم المجتمع ككل، والحلقة تجّر الحلقة وتبني عقداً تتراكم فيه الأخطاء من جيل إلى آخر.ولا يقدر سوى القلة الواعين من هؤلاء الأولاد من التخلص من هذه الترسبات المضرّة لهم ولغيرهم، بواسطة الإبتعاد عن المجتمع الخانق وإكتسابهم العلم والمعرفة والخبرة في الحياة.

عندما كانت في الصغر فتاة تريد اللعب والعلم مثلها مثل الصبي، وكذلك إظهار شخصيتها وقيمتها كإنسانة مستقلة بذاتها، كانت أمها تنده لها: " تعالي ساعدينني في تنظيف الدار. هلمي لخدمة أبيك وأخيك. الآن سيحضر الرجال والعشاء ليس بجاهز، من الآن أريدك أن تصبحي ست بيت ممتازة. تعالي لتتمرني للمستقبلً، إهتمي بأخوتك الصغار.الخ.." أو يقول لها أبوها:" مو طالع منك علم، لشو علم البنات؟. إقعدي في المنزل . البنت ما الها حق تحكي شيء.إخدميننا ريثما تتزوجين. بكرا بتعملينني جدو .." وما شابه غير ذلك.أي أن هذه أم المستقبل يجري تربيتها على أن تكون آلة مطيعة للأوامر، لا تعبّر عن رغبة أو شعور خاص بها، ولا تقدر الإفساح عمّا في داخلها بسبب خوفها من نظرة الآخرين لها أو معاقبتهم لها أو إلغائها أو نكرانها.

ولماذا أحاسب الأم ولا أحاسب هذا المجتمع؟ أحاسب الأم لأن الأم هي الأساس في العائلة، هي التي تجمع العائلة وتكون نقطة الإنطلاق لأفرادها.هي الإناء الكبير الذي عليه إستيعاب الإناء الصغير، هي التي تحضّر الولد من خلال متحدّ العائلة إلى التوجه نحو متحدّ المجتمع ككل والتفاعل معه والتأثير عليه سلباً أم إيجاباً ، بشكل شعوري أم غير شعوري.

أحاسب قبل أي كان الأم المدّعية أنها مثقفة، هي بالذات أحاسبها قبل الأم التي لم تسنح لها الفرصة لأن تتعلم، إذ أن على الأم المثقفة أن تفعل ما بإستطاعتها لتوعية الأم الأخرى ومساعدتها على تربية الأجيال بشكل سليم، وألاّ تقبل هذه المثقفة الرضوخ للعادات البالية دون إستعمال معرفتها وعقلها لمحاربتها.

حتى الأولاد يحاسبن أمهاتهم ويرون ما هو الصح ممّا هو الخطأ، هذه مقتطفات ممّا كتبه تلامذتي ( أعتذر عن ذكر أسمائهم حفاظاً على خصوصيتهم) وأعمارهم تتراوح ما بين ال 10 وال 15 سنة، مراهقين بنات وصبيان:

1. الأمهات هن الأشخاص الذين يغضبون متى نكون داخل المنزل ويحزنون متى كنّا خارجه.

2. الأم هي التي تعرف دائماً عندما يحصل شيئ مزعج للولد، حتى لو أنه لم يخبرها.

3. الأم هي " سوبر إمرأة" تستطيع أن تكون في مكانين مختلفين في الوقت نفسه.

4. الأم هي الشخص الذي يبكي عندما تتصرف بشكل سيء، ويبكي أكثر إذا ما تصرفت بشكل جيد.

5. الأمهات تجلسن في المنزل وهن مشغولات البال علينا، وعندما نعود تصرخن علينا.

6. الأم هي المرأة التي تقول " إذهب إلى غرفتك ونم"، وعندما يبقى الولد هادئاً بشكل تام تنسى وجوده.

7. الأم هي الإنسان الذي يهتم بك ويغطيك في سريرك من برد الليل. وعند قيامك بأخطاء تقول لك: لا بأس.

8. الأم هي الشخص الذي يجعلك تخرج من دائرة الخجل أو من الخوف.

9. الأم هي التي تمنعني من إستعمالي يدي اليسرى في الكتابة، وتهزأ من خوفي من الظلام.

10.الأم هي التي تضربني متى حصلت على علامة سيئة في الدراسة، ثم تعيد الطلب من والدي ضربي مجدداً بسبب تقصيري في المدرسة. وهذا لم يساعدني على الحصول على علامات أفضل.

11.الأم هي الصديقة الوحيدة لدّي، تفهمني وأفهمها، تحبني وأحبها.

12.الأم هي التي تعتبر أن كل شيء مسموحاً لها، تكسر أغراضي متى غضبت وتطلب رضايّ متى إحتاجت إليّ لخدمة ما.

كيف تصحيح الأخطاء؟

إن العلم والثقافة المتوفرين حالياً يفتحان آفاقاً مهمة للمرأة ويحضرانها للقيام بدورها كأم بحق وحقيقي ويدفعان المجتمع إلى توعيتها من أجل الحصول على إنسان فاعل مسؤول في مجتمعه. والمطلوب أن يقوم النقاش الحقيقي حول تصرفات الأم تجاه ولدها( بنت أكان أم صبي)، وهذا ضروري مع التأكيد على عدم إساءتها له معنوياً أو عاطفياً أو جسدياً وأنه من أهم واجبات عملها كأم تقديرها المنطقي لقدراته هو من الناحية الفكرية والعملانية والدراسية.ومن المهم أيضاً تزامن هذا النقاش المتعلق بتربية الأولاد مع مناقشة الأمور معها هي ومساعدتها على تخطّي عقدها ومشاكلها وحثها على إحترام رغباتها والتعبير عنها.فلم يعد مقبولاً أن تقوم المرأة بالتوجه نحو الزواج من أجل الإنجاب فقط،أو من أجل "السترة" أو لكي لا تصبح عانساً، دون أن تنظر إلى نفسها هي ككائن بشري. إن خطوة الزواج بين إمرأة ورجل هي بهدف خلق حالة مدرحية متفاعلة متطورة ينتج عنها إذا أمكن ذلك الأولاد كثمرة لهذا التكامل في علاقة الحب ما بينها وبين الرجل، فتتحول من وضعها كإمرأة وزوجة محبوبة إلى وضعها كأم محبوبة، وبذلك تكون قد أصبحت أماً حقيقية.نتيجة لكل ما ذكر، سنرى أن هذه الأم المطمئنة لكيانها ستصبح مهتمة إلى تطلعات ولدها( بنت أم صبي) فتعبّر حقيقياً عن دعمها لإختياراته في الحياة، ومن المؤكد أنها ستنجح في متابعته بشكل سليم وإحاطته بمحبتها ومحبة عائلته له والإبقاء على علاقة متوازنة ما بينها وبينه وما بينه وبين مَن حوله ، وذلك سيحثه على تحضير نفسه جيداً والتخلص من الإعاقات النفسية والمعوقات التي تكبح الإبداع لديه والتوصل إلى حالة النضوج لديه ومنها الى الإندماج الإجتماعي الإيجابي له ولمجتمعه. وأخيراً...لنتجرأ ونقوم بالمحاسبة بهدف تقدم أنفسنا ومجتمعنا، وحتى لو كانت هذه المحاسبة لصورة تعتبر مقدسة، صورة الأم.هذا لن يمنعنا بتاتاً من الشعور بالعاطفة تجاه الوالدة والتعبير لها عن ذلك.

بحث هذه المدونة الإلكترونية

أرشيف المدونة الإلكترونية

Powered By Blogger
Powered By Blogger
Powered By Blogger

المتابعون


Translate

المشاركات الشائعة

المشاركات الشائعة