www.amalkayasseh.blogspot.com

2004/10/16

هل تخلى السوري القومي الإجتماعي المهاجر عن عقيدته؟


" آخ! إنني موجوع على بلدي!..."
كيف أصبح السوري القومي الإجتماعي( أقصد هنا الرفيقة والرفيق بدون تمييز ما بينهما كمعتنقين لعقيدة أنطون سعاده) مهاجراً لوطنه ولمؤسساته الحزبية، وهو هذا الإنسان الذي نجد في صلب عقيدته التعلق بالأرض وبالمجتمع؟
يبدأ المهاجر القومي حمل صليب الحنين والشوق والشعور بأنه مُقتلَع رغماً عن إرادته الواعية وغير الواعية من بيئته وأمته يوم يبدأ سفره خارج الكيانات المصطنعة للأمة السورية وتبدأ عيشته في بلدان المهجر في أوروبا وأفريقيا والأميركيتين واستراليا وكندا وبلاد آسيا وروسيا. وهجرته هي للأسباب التالية:
1 ـ الدراسة الجامعية نظراً لأن مصاريفها في المهجر أقل بكثير من تلك المفروضة عليه وعلى كاهل أهله في أرض وطنه.
2 ـ وجود مراجع علمية ومختبرات ومراكز للأبحاث.
3 ـ ظروف عائلية ومعيشية صعبة في كيانات الأمّة، ناهيك عن الإحتلالات.
4 ـ السعي إلى لقمة العيش وسبل العمل والتحصيل المادي.
5 ـ إن الإغراءات الموجودة في بلاد المهجر من زواج مع الأجانب واخذ جنسية بلد الإقامة وسهولة تأسيس لعمل وتأمين سكن وطبابة وضمان صحي وحياتي له ولعائلته هي عوامل أساسية في بقاء السوري القومي الإجتماعي بعيداً عن بلده وأهله ومجتمعه مع تغيير جذري في نظرته للأمور الحياتية.
حتى لو أتى في العطلة لزيارة الأهل والأصدقاء إلاّ أن المغترب السوري القومي الإجتماعي، كلما طالت مدة إقامته في المغترب كلما بات يشعر انه غريب عن أهله وأصدقائه ورفقائه وعن مشاكلهم. وهم باتوا لا يعرفونه حق المعرفة فنسمعهم يقولون أنه تغير في عدة أشياء ولم يعد يفهم أو يتحمل ما يقاسونه في حياتهم في الوطن، إذ يقيس ما يعانونه مع ما هو عاناه أو ما يعيشه الآن وما تقدمه له حياته الجديدة والبلد الذي إستضافه.
وهنا يبدأ عنده العراك مع الذات وما بين الواقع القديم والجديد يشارك فيه تمزق داخلي، وتستمر الهوة في الإتساع لحد يصل المطاف بالمهاجر القومي إلى أخذه خيار البقاء نهائياً خارج الأمة والإبتعاد عنها وعن مشاكلها، أي إلغائه الإختياري لذاته السورية القومية الإجتماعية التي هي ضمن تاريخه العميق والدفين في ذاكرته الفردية والجماعية.
فلا هو ولا أولاده يرجعون للعيش في الوطن وبذلك لا يغنون الأمة بما كسبوه في الخارج من معرفة وتنوع وعلم. القومي الإجتماعي المغترب لم يتخلى عن ثقافته وحضارته ليصبح ما بين حضارتين وثقافتين، لكن ذريته في المهجر أصبحت من ضمن الغرباء عن أمتهم السورية من خلال عدم التقائهم بها وقبولهم بثقافة وحضارة أخرى دون تسائلات. حتى طريقة الإتصال التي هي اللغة العربية باتت مفقودة عند أولاد المغترب وعدم معرفتهم التكلم بها يكّون عائقاً للتواصل مع الجيل القديم، وكذلك عائقاً لفهم التراث المجتمعي والتاريخي والحضاري للأمة السورية.
وبالرغم من نجاحاته المادية ومركزه الوظيفي والإجتماعي الذي وصل إليه في المهجر، وبالرغم من حضوره للإجتماعات الدورية والمناسبات الحزبية والإجتماعية في المغترب، يصبح هذا الرفيق إنساناً مبتوراً من داخله من خلال إبتعاده العملي عن الأمة وعن تفعيل عقيدة سعاده النهضوية الذي إختارها طوعاً في يوم من الأيام والتي ما إن تفعل فعلتها في النفوس نراها هي النواة المنيرة لحياة معتنقها.
ومع هذا الإختيار القاسي والصعب بالشرخ عن الأمة تبقى العقيدة السورية القومية الإجتماعية حية في النفوس وكذلك الشوق إلى الوطن والقلق على مصير الأمة يكون هاجس المغترب في المحطات المصيرية. لكن بدون نتيجة لحاملها. وبدون نتيجة للمجتمع السوري. وبدون نتيجة للأمة السورية التامة. مجرد حلم وفكر لم يعد حقيقة وجودية يتفاعل معها المرء في مراحل حياته كافة.
ويزيد الطين بلة أن المؤسسة الحزبية لم تع حتى الآن أن المشكلة الأساس هي أن القومي في الخارج لم يعد يجد طموحاته في المؤسسة الحزبية ولا وجوده فيها. ما الذي جعلها تبتعد عنه بقدر إبتعاده هو عن أرض الأمة، وذلك بالرغم من الإتصالات والبيانات والتعاميم التي تُرسل إليه والإجتماعات النظامية والزيارات من قبل الرسميين؟ لماذا وصل به الأمر إلى حد الشعور بعدم انتمائه للمؤسسة الحزبية بالرغم من تعلقه الدائم بالعقيدة التي وضعها الزعيم؟
يمكن بدء الرد على هذه الأسئلة على النحو التالي:
1- لا مشاركة له في الأداء ولا في القرار الحزبيين( بالرغم من إنتخابات المجلس القومي الأخيرة) بالرغم من الاجتماعات و اللقاءات مع القوميين الآخرين.
2- لا وجود لشيء اسمه محاسبة للمسؤولين على الإداء وإذا تواجد وكتبت مراسلات إلى المركز لا يوجد رد ومتابعة للمواضيع بشكل جدي وعلمي.
3- لا متابعة من قبل المؤسسة الحزبية للرفقاء ولا تحمل لمسؤولياتها نحوهم وتحميلهم مسؤولياتهم تجاهها، إن كان في المغتربات أم في الوطن.
4- بفعل تواجده في بلدة ما في المغترب يشعر المهاجر ان مشاركته في القرار بما يتعلق الأمور المعيشية التابعة للمتحد الجغرافي الذي هو متواجد عليه يعطيه قيمة أكبر كإنسان فاعل بين المجموعة الذي يعيش معها. فمثلاً يهتم لبناء حديقة عامة و لشق طريق ولموضوع بيئي او دراسي او ثقافي بحكم ان مردود المشاريع هذه سيرتد إيجاباً على نوعية الحياة الذي يعيشها.لذا فإن إفتقاد المركز الحزبي لمشاريع وخطط إنمائية يشارك القومي المقيم في الوطن والقومي المهاجر فيها في دراسة جدواها الإقتصادية والإجتماعية والسياسية ووضعها وصياغتها وتأمين مستلزماتها من عناصر بشرية متخصصة وموارد مادية وخبرات ومعارف هو عامل آخر مهم في إبتعاد القومي المهاجر ( والمقيم) عن شعوره أنه جزء من الحزب. لذا نسمعه يردد بمرارة أنه يجد نفسه مجرد عدد يُزاد على الأعداد دون أن تُسنح له الفرصة لتأدية قسمه فعلياً وإنتاجياً على أرض الواقع في الأمة السورية المقسمة والعديدة الإحتلالات.
5ـ بعد مرحلة التنظير والمناقشات السياسية وتعريف المواطنين والأقرباء والأجانب و حتى الأعداء على ماهية الحزب وعقيدة أنطون سعاده النهضوية مع التذكير بالبطولات السابقة والتضحيات والعمليات الإستشهادية والمواقف المشرفة من عدم طائفية ومناقبية وأخلاقية عالية، يصل القومي المغترب المتكلم والمنّظر إلى نقطة يُسأل فيها السؤال المحرج: " والآن ما الذي يعمله حزبكم؟ أين موقعكم من كل ما يجري من ويلات على كيانات الأمة؟ أين مواقفكم الشجاعة والمتصدية للطروحات السياسية المعادية لعقيدتكم وللأوضاع الإجتماعية المتردية في أغلب الكيانات ؟ أينكم أنتم بكل ما يجري حالياً ؟ لماذا تخليتم عن ساحة الصراع؟..."
6ـ زيادة نرى أن نظرة القومي المقيم في الأمة وإفتخاره على انه هو المناضل الحقيقي وحامل أعلام النهضة لعدم تركه أرض الوطن والهجرة تؤجج عدم تعرف القومي المهاجر على إنتمائه إلى المؤسسة الحزبية، بالرغم أنه على إتصال دائم برفقائه المقيمين. وأمّا عن الشائعات والأحقاد المحصورة بأشخاص بسبب مصالحهم الشخصية الضيقة، فإنها من أول الأخبار التي تصل للمهاجر القومي ولا ينتج رداً عليها من المؤسسة الحزبية للتكذيب أو للتوضيح فتتفاقم المشكلة.
7ـ لا ننسى أيضاً الوقع السلبي في النفوس للمشاريع الإنتاجية الخاسرة للحزب والتي كانت من أساسها ممولة من مال القوميين المغتربين، ولا طريقة التعاطي ما بين المركز والمغتربين على أنهم كيس مال يُفتح عند الطلب فقط.
8ـ من الناحية الإعلامية، فإن ضعف الإعلام الحزبي والتركيز على عدم التعاون مع المؤسسات الإعلامية التي تجمع بين نظرتين مختلفتين وقطع باب الحوار من أجل إيجاد حلول لمشاكل مطروحة وتفويت الفرص لإظهار صورة للحزب تعبر عن نضالاته و تضحيات الرفقاء فيه ، كل ذلك يسبب ضيق عند المهاجر القومي الذي تعوّد في بلدان الإغتراب( أغلبيتها) على إنفتاح أكثر وتبادل للآراء في وسائل الإعلام.

ما هي الحلول أو إقتراحات الحلول؟

(1) إنشاء جامعة سورية قومية إجتماعية يُمكن تسميتها "الجامعة الحضارية " أو غيره.

يوجد عدد كبير من الرفيقات والرفقاء ذوي إختصاصات جامعية مهمة لديهم مراكز في الجامعات العامة والخاصة في كيانات الأمة يقومون بالتدريس ولا يستطيعون بحكم ضعف الحزب على الساحة من التكلم عن مبادئهم بشكل علني خوفاً من طردهم من وظيفتهم وملاحقتهم في الكيانات وأغلبيتها ذات حكم قمعي إستبدادي تمنع المواطنين فيها من حرية التعبير عن رأيهم وإنتمائهم العقائدي المختلف عن عقيدة الحاكم في السلطة. وأقترح هذه الجامعة في الكيان اللبناني بحكم قدوم عدة طلاب من باقي الكيانات طلباً للعلم في جامعاته من أميركية وغيرها . وكما يُدفع للأساتذة القوميين في بقية الجامعات معاشاً يناسب خبرتهم وشهاداتهم، يمكن دفع المبلغ ذاته في الجامعة السورية القومية الإجتماعية، ولا تبرير بعدم وجود المال بحكم أنه لا توجد جامعة على علمي أغلقت أبوابها بسبب الإفلاس. وبرأي أن الرفقاء المقيمين والمقاطعين العمل الحزبي الذين يشكلون بأكثريتهم النخبة المثقفة من القوميين سيبدون إستعدادهم للمشاركة في هكذا مشروع متى كانت خطة وضعه واضحة وشفافة ونظامية وعمل واعي لمصلحة الأمة السورية وميزانية مادية دقيقة.وكذلك المهاجرين من القوميين المستعدون لإرسال المال متى كان مشروعاً حزبياً جيد ومنتج على جميع الأصعدة.

(2) مع التقنيات الحديثة من إنترنت ونقل ملفات ووسائل بريدية متطورة يستطيع الطالب أن يحصل على المعلومات المطلوبة دون ضرورة تواجده في الخارج. لكن ذلك يتطلب أيضاً شبكة إتصالات ومتابعة مع المديريات في المهجر.

(3) دور الحزب السوري القومي الإجتماعي الطبيعي بنظر كل معتنق للعقيدة النهضوية هو في إرساء مشاريع تنموية وتطبيق خطط للمناطق من أجل تحسين الوضع الإجتماعي والمعيشي للمواطنين ومنهم للقوميين الإجتماعيين، نذكر منها: شق طريق أو تعبيده او إعادة تأهيله ـ إنشاء مركز صحي أو مستوصف أو مستشفى وتأمين أدوية وعناية طبية ولو ضمن فترات قليلة كبداية ـ مدرسة أو مركز تأهيل مهني أو علمي و تأمين لوازم دراسية للطلاب ـ تنظيف البيئة المحيطة بالمتحد والتوعية على المحافظة على البيئة والثروة الطبيعيةـ مراكز لمياه الشفة ـ حملات توعية على مواضيع مختلفة إلخ واللائحة طويلة، وهذه الخطط يجب أن تؤدى تحت إسم الحزب صراحة وعلنية( المؤسسات البديلة ولو أنها نجحت في بعض المناطق إلاّ أنها لم تدخل عناصر جديدة إلى المؤسسة الحزبية ) أو بالمشاركة والتعاون مع جمعيات أهلية صديقة ومؤسسات حكومية متواجدة في كل منطقة وكيان.

(4) متى يكون العمل الحزبي واضحاً ونظامياً ومن صلب عقيدة النهضة ويكون الآداء جيد من تطبيق الأحكام الداخلية والنظامية والحكمية ردعاً ورداً على الخروقات المادية والمعنوية من قبل الرفقاء تجاه بقية الرفقاء أو تجاه المواطنين، تزداد مصداقية المؤسسة الحزبية وبذلك تعاد الثقة المقطوعة ما بين المركز والرفقاء، ينتج عن ذلك إقدام الرفقاء على التفكير جدياً بوضع مشاريع مادية وإنتاجية لخدمة المجتمع والحزب معاً، يؤمنون من خلالها عمل ومورد رزق للقوميين الإجتماعيين.

لا يعني ذلك أنه لا توجد هكذا مؤسسات حالياً، لكنها قائمة على المجهود والعمل الفردي وليس الجماعي بين القوميين بحكم الأنانية الشخصية لبعضهم وسوء النية وفقدان الأمانة في التعامل الرفاقي والمادي عند البعض الآخر الذين تجرأوا على إختلاسات وسرقات لم يتحاسبوا عليها حتى الآن. ولا يقوم أصحاب هذه المصالح الناجحة إلاّ نادراً بإعطاء فرص عمل للقوميين الإجتماعيين، ولو كانت المؤسسة الحزبية فاعلة حالياً بأقصى فعاليتها التي هي مطلوبة منها لأنها من مهماتها الأساسية إدارة شؤون القوميين، لكان الوضع مختلفاً.

(5) مشكلة الرفيقات والرفقاء السوريين القوميين الإجتماعيين غير المتزوجين هي مشكلة لم تُدرس برأيي بشكل جدّي في المؤسسة الحزبية لكي يُصار إلى إيجاد حلول لها. أما إختيارهم للزواج من غير قوميين أو من أجانب فهذا برأيي إختيار من خصوصية كل إنسان وظروفه، لكن عدم متابعة المؤسسة الحزبية( بالتعاون والمشورة معه، أكيد) للعائلة هذه الذي كوّنها يجعل الموضوع تصادمي أحياناً(مشاركة الأولاد في حضور حلقات إذاعية عقائدية وفي مخيمات للأشبال ـ تواجد الزوجين معاً في النشاطات الرسمية ـ الخ) أو يقود إلى اللامبالاة والتخلي عن المواقف الداعمة للحزب تدريجياً توصله إلى التخلي عن العمل الحزبي ككل. ف ا ن

إن تغيير الواقع المرير هذا يصير من خلال تكاتف جهود الطرفين، المؤسسة الحزبية والمهاجر السوري القومي الإجتماعي، بمساعدة القومي المقيم في الأمة. فهل من يقرأ ويسمع ويجيب؟ ...

بحث هذه المدونة الإلكترونية

أرشيف المدونة الإلكترونية

Powered By Blogger
Powered By Blogger
Powered By Blogger

المتابعون


Translate

المشاركات الشائعة

المشاركات الشائعة