www.amalkayasseh.blogspot.com

2004/12/24

نماذج من نساء بلادي


بدأت كتابتي عن المرأة في بلادنا بما يلي:

مَن أنا لأتكلم عن المرأة ؟ وهل يُسمح لإمرأة مثقفة في مجتمع متخلّف، ضيّق الصدر والفهم محتقر للمرأة بشكل خاص وللإنسان بشكل عام ولكل أشكال التعبير والرأي والكلمة الحرّة، ان تعرض نظرتها المختلفة الى الأمور، وأن تقدم محاولة متواضعة من أجل محاربة الجهل والطغيان؟
هل أستطيع القول أنه لكوني أنثى أكفل التمثيل الحقيقي والصحيح للمرأة في مجتمعنا، حيث نسبة عالية منها مغلوبة على أمرها، لانها غير قادرة على التعبير عن رأيها وقناعاتها وضميرها وطموحاتها، أو لأنها ربما تخضع لابتزاز او تهديد في حياتها الشخصية والعائلية وفي لقمة عيشها ووظيفتها وضمن المجتمع التي هي ركن أساسي فيه، ولذا نرى سلوكيتها متناقضة مع اقتناعاتها ورغباتها في معظم الأحيان؟ وكيف تمكنت أنا شخصياً التصرف مع التناقضات الناتجة عن إزدواجية الرابطين، الرابط من الدين مع تعاليمه من جهة والرابط من تجارب الحياة والثقافة المكتسبة والمختلفة عن الثقافة الدينية من جهة أخرى؟ هل من تجربتي الخاصة أستطيع التعميم بالنسبة لوضع المرأة؟ ما هي الأجوبة الصحيحة على التساؤلات العديدة المتعلقة بوضع المرأة في المجتمع؟ ما هي الحلول ؟
إن الأجواء المحيطة بالمرأة في بلادنا مثقلة بالضغوط عليها على جميع الأصعدة، وهذه الضغوط نفسية كانت او مادية ترتكز أصلاً على الترهيب والترغيب الذي يأتيان غالباً من التعاليم الدينية المعتنقة من أبناء المجتمع والملقنة له( بطرق غير صحيحة أحياناً)، و لذا تتصرف المرأة بسلوكية تظهر عليها بشكل واضح علامات الحيرة والتراجع في عدة مجالات.
... ثم توقفت، توجد دراسات كثيرة قامت بها عدد لا يحصى من النساء ( وأنا منهن)والرجال، تتكلم وتناقش وتطرح إشكالية وضع المرأة في أمتنا،وموضوع المساواة ما بين الرجل والمرأة!!!
فإرتأيت أن أسرد قصصاً وأخباراً عشتها أو صادفتها في حياتي، هذه المقاطع قسم من تجربة.. لعل يستخلص القارىء والقارئة بنفسهم منها المعاني والعبر...

**

ـ1 ـ

من ضمن دراسة إجتماعية (عام 1992) عن وضع المرأة في الشام مع مجموعة من الطلبة الباحثين في علم الإجتماع، قسم من حديث مع هذه الآنسة من دمشق( درست الشرع الإسلامي وهي متحجبة وتعمل في وظيفة في الدولة).

السائلة: أنت مبسوطة لأنك إمرأة بها المجتمع؟

المجيبة: مو كتير

السائلة: ليش مو كتير؟

المجيبة: لأنه المجتمع عنا يعطي الأولوية للرجل بشكل غير مناسب، يعني الإسلام أعطى الأولوية للرجل كما أعطى المرأة حريتها، بس المشكلة أنه الرجال لا يستخدمون هذه الأولوية بالشكل اللازم والمناسب.

السائلة: عندك مثال؟

المجيبة: ممكن تعامل الرجل مع المرأة في الحياة الزوجية، إنه مثلاً يعني ، الإسلام ممكن الرجل يضرب زوجته بس بشكل كتير خفيف، والرجال هلق الآن بيضربوا المرأة بشكل عنيف هذا منافي للإسلام وغير مناسب أبدأ يعني.

السائلة: بس انتي تعرفي حدا العمل هيك؟

المجيبة: شخص عمل هيك، صديقتي في العمل طلقت من زوجها الآن وهو كان يضربها بشكل عنيف.

السائلة: وشو عملت؟

المجيبة: طلبت الطلاق، وتطلقت الآن،إنفصلا عن بعضهما.

السائلة: وبشكل عام كيف توصفي وضع النساء بهالمجتمع؟

المجيبة: بشكل عام يعني، جيد ومو جيد

السائلة: كيف جيد؟ وبعدين كيف مو جيد

المجيبة: جيد بالنسبة لوضعها انه هية متحررة تخرج للعمل تخرج تمارس حقوقها الشرعية العامة، وهذا جيد بالنسبة لها، بس غير جيد كما قلت لك العلاقة بين الرجل والمرأة دائماً الرجل يطغى في كل شيء ليس فقط في الحياة الزوجية، ليس فقط في التعامل الشخصي بين الرجل والمرأة بس بشكل عام في الحياة العامة الرجل له الفوقية هذا يعني غلط.

السائلة: آيه غلط، فما في مساواة بين الرجال والنساء، بس تعتقدي المساواة صحيحة؟

المجيبة: يعني لازم يكون في مساواة بس مو بكل شيء، يعني يوجد أعمال لا يقوم بها سوى الرجال، يعني غير مناسبة إلا للرجال

السائلة: مثلاً شو؟

المجيبة: مثلاً أعمال البناء، هذا متعب جداً للمرأة يعني لا تستطيع أن تقوم بهذا العمل، وكلمة المساواة تعني المساواة في كل شيء وهذا ليس في كل شيء يعني

السائلة: وكيف توصفي وضع الرجال في هذا المجتمع؟

المجيبة: شايفين حالن ( مع ضحكة) طبعاً مو الكل يعني دائماً يوجد السيء ويوجد الحسن كمان

السائلة : مثلاً الحسن؟

المجيبة: مثلاً مثل الرجال الغربيين يعني ما عندن تفرقة بين الرجل والمرأة يعني يعاملوا المرأة بشكل لطيف وحسن وجيد وغالباً الرجال يعاملون المرأة بشكل هيك لا شيء

السائلة: ما عنده إحترام!

المجيبة: ما عنده إحترام ما عنده ديبلوماسية مع المرأة

السائلة: وتفكري الرجال غالباً هيك؟

المجيبة : آهاه في المجتمع العربي غالباً هيك

السائلة: والرجال مثل الرجال في الغرب هم نادرين؟

المجيبة: طبعاً يعني أنا شفت أجانب وشفت كتير من الرجال بس قارنت بين هون وهون يعني الأجانب ممتازين

السائلة: وبرأيك شو هية الصفات، صفات الرجل المثالي؟

المجيبة: بالنسبة للمرأة أم بشكل عام؟

السائلة: بشكل عام برأيك؟

المجيبة: لازم يكون يعني شخص جيد بحب عمله بحب الأسرة أسرته لازم يعامل المرأة بشكل جيد يعني هية المرأة بشكل عام ضعيفة فلازم يعاملها بهالمستوى هاد مو دائماً ضعيفة هية بس ببعض المواقف غالباً عاطفية أو ضعيفة بمعنى العاطفي بس لازم يعاملها على هذا الاساس، يستطيع أن يتحمل المسؤولية يستطيع أن يؤمن طلبات الزوجة و طلبات الأولاد طلبات البيت حتى يكون رجل جيد

السائلة: وشو هية الصفات، صفات النساء المثالي؟

المجيبة: لازم تكون قوية الشخصية قبل كل شيء بهذا الوقت وهذا المجتمع يعني، ولازم تكون بالمقابل كمان بالحياة الزوجية لازم تكون محبة لزوجها وأولادها وتستطيع أن تؤمن الحياة المريحة لزوجها وأولادها وتستطيع تحمل المسوؤلية يعني مثلاً لا يجب أن تترك الولد يخرج إلى الشارع يلعب هذا غير مسموح يعني لأنه ممكن باي لحظة أن يعمل حادث او يحصل له مكروه أو أي شيء يعني هذا مسؤوليتها هي فيعني لازم تكون قد المسؤولية ـ وغالباً النساء هذا الوقت، النساء الصغيرات اللواتي تزوجن حديثاً يعني صغيرات السن نسبياً لا يقمن بالشكل اللازم للمسؤولية الحياة الزوجية، لا يقمن بالمسؤولية التامة للحياة الزوجية.

**
ـ2 ـ

صديقتي تتعرف على رجل يحاول مصاحبتها، فلا ينفك يتصل بها ويطلب مراضاتها ويعبر عن إعجابه بها، قبلت لقاءً معه في يوم ما، حول فنجان قهوة، في إحدى المقاهي السكوتة :

هي: لكنك متزوج منذ مدة قصيرة، فما الذي يحصل مع زوجتك؟

هو: إنني أقوم بواجبي الزوجي معها، علاقة جنسية مرتين في الشهر، لكن الروتين تقتل الرغبة

هي: لكنها ما زالت إمرأة جميلة وإجتماعية وسلسة المعاملة والمعشر

هو: ما هو الحرام هالإبن الحرام طيب!!

هي: لكنني كنت أعرف أنك رجل تصلي وديّن؟

هو: وما زلت

هي: وكيف تجمع بين هذين المتناقضين؟

هو: كل شيء إلو شيء، هذا بوقته وهذا بوقته...

هي: بس يعني إنك تخبّص؟

هو: من وقت لوقت...دعينا من هذا الحديث الآن، إنك إمرأة جميلة الخ... تعالي نعيش اللحظة بوقتها، واعطيك لذة وانت تعطيني لذة...

هي: لماذا تريد أن تخرج معي ؟

هو: بحثاً عن اللذة، إنني أرغبك..

**
ـ 3 ـ

تقتلني الأغاني العاطفية وقصائد عشق شعراء كثر!!..

لماذا لا يتعلم الرجل في بلادي قول كلمات مثل " أحبيني بلا عقد،/ وضيعي في خطوط يدي"... "هل عندك شك،/ أنك أجمل إمرأة في الدنيا/..كاظم الساهر) أو " أحابيك ،/ كأني ملك يديكِ،/ مصيري لا يعرف،/ إلاّ،/ أصابعك،/ وخديك.. /(نعيم تلحوق)...

أين يوجد هذا الحب ـ العشق من الرجل نحو المرأة،وهذا التقدير المتناهي لها، سوى في كلمات الشعرالعربي؟

**
ـ 4 ـ

شابة من مدينة حماة صادفتها إبنتي في سهرة إجتماعية:

ـ إنتِ من لبنان؟

ـ نعم

ـ صحيح أن كل البنات عندكم بيضهروا مع الشباب وبيناموا معهم مثل عند الأجانب، وأنه توجد حرية جنسية قد تفوق ما يحصل في بلاد الغرب؟

_ ( إبنتي وهي محتدّة غيظاً) شو هالحكي؟ من أين حصلتِ على هذه المعلومات الخاطئة؟

ـ ما نحن عم منشوف اللبنانيات على التلفزيون، كيف تلبسن وتهزن خصرهن وترقصن أمام الشباب بدون حياء أو خجل في الأغنيات، وفي المقابلات وبرامج الألعاب المشتركة..

ـ هذا الذي ترينه يعطي فكرة خاطئة عن اللبنانيات، لسنا فاسقات، توجد صبايا تعيش ككل صبية في بلاد الشام، تتعلم وتعمل وتكون خلوقة ولا تعاشر جنسياً الرجل سوى من بعد الزواج. صحيح أنه يوجد إختلاط ما بين اللبناني واللبنانية، ليس مثل هنا في حماة، لكن هذا لا يعني أنه خروج عن الأخلاق، بل تجربة يمر بها الشاب والصبية ، يتعرفان على بعضهما ويتكالمان ويحصل تفاعل ما بينهما، فالمجتمع مكون من الإثنين،ممكن العلاقة ما بين الإثنين أن تكمل لتصل إلى بناء عائلة،وممكن أن يفترقا دون تكملتها، ومن خلال هذه التجربة تعرف اللبنانية كيف تختار زوج المستقبل، وتكون مسؤولة عن إختيارها، فيتعاونان معاً في الحياة ويتشاركان.

هنا في حماة عندكم، بسبب تعصب ديني لا أفهمه، يوجد الزواج التقليدي، دون أن يرى أو يعاشر الرجل زوجة المستقبل قبل أن يُكتب كتابهم، وهذا برأي شيء خاطىء، الأم التي ترى عروس المستقبل لإبنها وتكلمها، ليست هي مَن ستقوم بالعيش معها وتأليف اسرة. هذه العادة في زواجكم خاطئة، وكذلك الزواج بالاكراه وفي سن مبكر للفتاة ( لنستر عليها! يقول الأهل) الذي لا تنتج منه الا العائلة المفككة وينتهي بالانفصال.

**
ـ 5 ـ

عند التنقل في أماكن مختلفة في الليل( الظلام يخفي كل شيء، بما فيها العيوب)، تصادفك مظاهر ومظاهر، منها المراهقة المصاحبة لرجل( بهدف الكسب المالي او بحثاً عن خبرة وإهتمام رجل ناضج لها) أكان مسناً( يا ريت الشباب يعود يوماً! يوجد الفياغرا هذه الأيام، الدواء العجب!..) و/ أو متزوج ( يخرج مع زوجته وعائلته إلى المطعم في النهار، ويأتي بصاحبته إلى المطعم ذاته في الليل..)، أو المرأة الأجنبية التي يفتخر الرجل الشرقي بإبتطاء ذراعها: شقراء وأجنبية وتلبس " سيكسي" وليست متطلبة، لكن هو الرجل الكريم يصرف عليها ماله كله من أجل قبولها بمضاجعته حسب أهوائه... والتبجج بمصاحبتها أمام أصدقائه...( شوف شو هو حمار، عم بيصرف عليها كل شيء معه، ومايت على صرمايتها) ...

ويقول الشاب في بلادنا أن الفتاة وأهلها لديهم طلبات كثيرة لا تحتمل من اجل القران، منها الشقة والمقدم والمؤخر ومصاريف حفلة الزواج، لذلك لا قدرة له على أن يتزوج..

**
ـ 6 ـ

إبنة عمي:" جيبيلي وإنتِ رايحة على لبنان كريم أجنبي للوجه، بيمنع الكَلَف والتجاعيد و بيبقيه مضوّي ونضر، وشو ما كان سعره، بدفعه لك"..

أنا:" لكن بشرتك رائعة جداً، أنظري إلى بشرتي التعبة من وراء العمل خارج المنزل والتدخين والهموم والمسؤوليات و و.. إنت بتعرفي حياة الركض التي أعيشها، بس شو بيهمني، ما دام القاضي راضي( زوجي).."

إبنة عمي:" بدي ضلني حلوة ولعوب لأعجب بَعلي أبو مظفّر( زوجها)! وكمان إذا وجدتي شي فستان غير شكل ، فاهمة عليي.. مثل هيفاء وهبي، بيجّن أبو مظفّر بس ليشوفها.."

**
ـ 7 ـ

حديث هاتفي ما بين صديقتين حميمتين قديمتين، كل واحدة في ضيعة مختلفة تبعد الواحدة عن الثانية بالكيلومترات:

ـ شو أخبار إبنتك وعريسها؟رح يصير لهم شهر متزوجين، مو؟

ـ الحمد لله، مبسوطين آخر بسط، عم بيدللها وبيجيب لها كل شيء بتطلبه نفسها.كل يوم بتتحمم مرتين..( ضحكة!) هيئتهم معجلين ليصير ابو عبدو. وإنت، إبنتك، شو عاملة؟ ما حبلت بعد؟

ـ لا الله ما طعمها بعد. ما خلت حكيم إلاّ وشافته، وكلهم عم بيقولوا لها:ما بكِ شيء، ولازم انو زوجك يجي يفحص بذرتو." بس المشكلة من صهري وأمه، قاموا الله الله بس لإبنتي كلمت زوجها بضرورة فحص طبي له، هو إعتبر هالشيء مس برجوليته، وحماتها من يومها حالفة يمين إنو تخلّي إبنها يطلق بنتي إذا لم تجيب له ولد، أو تروح تزوجهُ واحدة عليها.وحالتها حالة بنتي، الله يعينها، عم تبكي كل الوقت، وزوجها ما عم بيلفي عالبيت إلا بآخر السهرة وريحته مشروب.. الهيئة كاتبة لإبنتي كتيبة شيء واحدة طارقة عينها على صهري، لأنه معه مصاري ومرتاح.. هيك أخبارنا، وجعت لك رأسك...

**
ـ 8 ـ

بعض من قراءاتي عن وضع المرأة في الأديان ومع الأنبياء

عند قراءة سيرة حياته ودعوته للدين المسيحي، يستوقفني أن نساء كثر أحاطت بالمسيح (النبي عيسى )، منهن والدته مريم العذراء( وقد فُضلت على كافة النساء " مباركة أنت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك")،كما يعلمنا الإنجيل أن مريم كانت تحفظ جميع الكلام المتعلق بنبوءة يسوع، وأيضاً غيرها من النساء واكبن الدعوة المسيحية كنبية حنة بنت فنوئيل من سبط أشير، ومريم المجدلية ومريم أم يعقوب، الخ.. وقام المسيح بعمل عجائب لنساء متعددات، ويوم موته ذُكر أن النساء التي أتت من الجليل وغيرهن لحضور الدفن هُن أوائل مَن نظرن إلى القبر وكيف وُضع، و هنَ التي أخبرن الأحد عشر رسل وجميع الباقين بما رأته في القبر، أي أن المرأة هي التي أوصلت الكلمة التي هي ركن أساس من أركان الدين المسيحي والمتعلقة بالصلب والقيامة ..

أمّا بالنسبة لموضوع الطلاق عند المسيحيين، فلم يُمنع منعاً باتاً لكنه لم يتم الترويج له:

" كل مَن يطلق إمرأته ويتزوج بأخرى يزني. وكلُ مَن يتزوج بمطلقة من رجل يزني" ( إنجيل لوقا ـ الإصحاح 16)

عند قراءة الكتب الدينية للزبيدي والبخاري وغيرهم التي ذُكرت فيها أحاديث النبي محمد ( ص) ، نجد أنه لا يوجد أي حديث يذكر أن النبي محمد كان يحتقر المرأة أو يعلّم بالحط من كرامتها، بل على العكس فإنه يكرمها ويسوّي بينها وبين الرجال في التكاليف والأحكام.وإختبر محمد (ص) المرأة في جميع أدوار حياته وإمتزجت عاطفته بعاطفتها طفلاً ( تولت حضانته بعد وفاة والده ووالدته وعمره بضع سنوات فتاة حبشية إسمها بركة وتكنى " إم أيمن" وقد عكفت هذه الفتاة على تربيته وخدمته حتى بلغ الخامسة والعشرين من عمره)وشاباً ( تزوج في الخامسة والعشرين السيدة خديجة بنت خويلد وهي إمرأة أرملة في الأربعين، ذات تجربة وثروة، وقامت خديجة بتشجيعه وببث الثقة والصبر والثبات في نفسه، فنرى النبوة ولدت على يد المرأة " خديجة" بينما لم يشهد ولادتها أحد من الرجال. لا أبو بكر ولا عمر، ولم يسمع بذكرها علي ولا معاوية.) وكهلاً ( تزوج بعد وفاة خديجة إبنة أحد صحابته، أبو بكر الصديق، وتُدعى عائشة، كانت له زوجة وتلميذة أيضاً). وكما كان النبي ( ص) يعترف للمرأة بحقها في الإستقلال بمصالحها الخاصة، كان يرى لها الحق أيضاً في أن تشارك الرجال في خدمة المصالح العامة، وكذلك مرافقة الجيش وخدمة المحاربين. وكثيراً مما كان يعامل به نسأه نراه اليوم غير لائق ولا مناسب( الخروج بالنساء في أسفار الرجل، المشاركة في الرياضة، وفي نشاطات الرجل )

إن العلم ضرورة شرعية على كل مسلم مكلف، ألا وهو صحة العمل. والمسلم لا يُقصد به الرجل فقط، بل هو يتعلق بالمرأة والرجل على حد سواء، لأن الخطاب التكليفي في القرآن الكريم وإن جاء في صيغة المُذَكّر إلا أن المقصود به كل من الذّكَر والأنثى، لأنهما معاً مُكّلَفين بعمارة الأرض كما أنهما معاً محاسبين على أعمالهما، وهذا ما أكد عليه القرآن الكريم بقوله :" للرجال نصيبٌ ممّا إكتسبوا وللنساء نصيبُ ممّا إكتسبن" ( سورة النساء ـ 32). وهذه الآية دليل على أن المرأة مكلفة بالعلم، لأن الكسب يأتي نتيجة العمل، والعمل إنما يأتي نتيجة العلم.

أول آية أُنزلت من القرآن هي:" إقرأ" ( العلق ـ 1 ) ثم توالت الآيات بعد ذلك تدعو إلى التزود بالعلم، وقد سُميَ كتاب الله قرآناً، والقرآن إسم مشتق من القرآن، وسُميَ قرآناً كما يرى بعض العلماء " لكونه جامعاً لثمرة جميع العلوم".

والأمثلة عن المرأة المسلمة المتعلمة كثيرة، نذكر منها أن عائشة زوجة الرسول، على رغم صغر سنها،كانت مرجعاً علمياً كبيراً لكثير من الصحابة. قال عنها أحد الصحابة وهو أبو موسى الأشعري:" ما أشكل علينا أصحاب رسول الله حديث قط إلا وجدنا فيها منه علماً" ( ابن الجوزي ـ صفة الصفوة ـ ج 2ـ ص 24 ). وكانت فحصة بنت عمر بن الخطاب تقرأ وتكتب وتعلّم النساء القراءة والكتابة. وشجع النبي النساء على حضور مجالس العلم، وكان مخصصاً يوماً لهن في الأسبوع لطرح أسئلتهن والإستفسار والمناقشة. وكانت النساء تقمن بتحبير المصاحف. كتاب"مرآة الأدوار "يذكر أن الخطاطة " بادشاه خاتون" نسخت من المصاحف الشريفة ما لا نظير له، وذكر إبن فياض في تاريخه:" انه كان بالربض الشرقي في قرطبة بالأندلس مائة وسبعون إمرأة يكتبن كلهن المصاحف بالخط الكوفي". فإذا كان ذلك في ربض واحد فكم كان من النساء الكاتبات في جميع أرباض قرطبة التي بلغ عددها ثمانية وعشرين رضباً ( مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق ـ مجلد 2 سنة 1922ـ ص 265 ) . وتوجد شواهد كثيرة على أن المرأة المسلمة كانت تهتم بالدين والعلم والفن، فمَن يزور مكتبة القيروان الشهيرة يشاهد مصاحف قرآنية مزدانة بالزخارف مطعمة بالذهب نمقها أنامل فتيات مسلمات في العصور الغابرة. و كانت تلك الفتيات يتنافسن في تجويد الكتابة وتزويقها ويختمن كل مصحف بهذه العبارة: هذا من صُنع وقلم فلانة بنت فلان قدمته هدية لخطيبها فلان بمناسبة الإحتفال بزواجهما".

**
ـ 9 ـ

في مناقشة ما بيني وبين إبني حول نظرة شاب عصري ترعرع في منزل علم وثقافة ومحبة وإحترام لشخصه ولشخص أخوته البنات:

ـ قل لي، يا إبني، هل ممكن أن تتزوج يوماُ من الأيام فتاة فقدت عذريتها؟

ـ نعم، ولم لا؟ على كل الأحوال، مع عمليات إعادة ترميم غشاء العذارى عند الفتاة التي تجرى حالياً بكثرة عند الأطباء، ليس من السهولة للرجل أن يكتشف إذا كانت عروسه عذراء أم لا. وأنا لا أعتبر أن شرف الفتاة متعلق بهذا الغشاء، كيف يحق لي أن أحاكمها على شيء من ماضيها، لها الحق أن تحب وتعشق من قبلي. بالنسبة لي، شرف البنت متعلق بوفائها وصدقها ومعاملتها للرجل. لماذا يحق لي انا كرجل أن أعاشر البنات جنسياً، ولا يحق لها هي؟

ـ وبالنسبة لزواجك من أجنبية، ما رأيك بهذا الموضوع وخصوصاً أنك تنوي الهجرة إلى الخارج؟

ـ لن أفتش تفتيشاً عن الفتاة الأجنبية لكي تصبح شريكة حياتي، أفضل بنت بلادي، هي وأنا من المجتمع ذاته، لكن إذا حصل وإستهوتني أجنبية وإنشدّيت إليها عاطفياً وعقلياً، فما المانع بذلك؟ المرأة هي إمرأة في كل أنحاء العالم ، المهم هو كيفية تفاعلي أنا معها وهي تفاعلها معي، وكيفية إنشاء ما بيننا علاقة متكاملة مبنية على المحبة والإحترام والتقدير المتبادلين والصدق في العلاقة، كل هذا مع تحكيم العقل لأنه كما تعلمت" العقل هو الشرع الأعلى".

لكن بصراحة يا أمي، مع كل هذا الإنفتاح الذي هو من حق الإمرأة في بلدنا، أتمنى فقط أن تبقي المرأة من بلادي الناحية العاطفية عندها وتبقيها حيّة كذلك عند الرجل، فلا تجعل المادة تسيطر عليها ولا عليه، فلا أجمل من نطرة البنت للموعد ولهفة الشاب عليها والسعي لمقابلتها والكلام الجميل ما بينهما والمشاعر الصادقة. وأتمنى ألاّ نصل إلى يوم نمحي هذه المشاعر من قلوبنا وعقولنا.

بحث هذه المدونة الإلكترونية

أرشيف المدونة الإلكترونية

Powered By Blogger
Powered By Blogger
Powered By Blogger

المتابعون


Translate

المشاركات الشائعة

المشاركات الشائعة