www.amalkayasseh.blogspot.com

2004/09/25

المرأة في العقيدة السورية القومية الإجتماعية

قبل البدء بشرح موقع ودور المرأة في عقيدة الحزب السوري القومي الإجتماعي، أرى من المستحسن تحديد معنى المصطلحات المستعملة بخصوص المرأة وقضاياها، ومنها الأكتر تعقيدا،ً التمييز ضد المرأة.
التمييز ضد المرأة يقوم على أدوارها في المجتمع، التي هي : الدور الإنجابي، الدور الإنتاجي ، الدور المجتمعي والدور السياسي.
دور المرأة الإنجابي/البيولوجي هو دور ثابت وأساسي على الناحية السكانية، البيئية وإحتياجات المجتمع، وهو دور غير قابل للتغيير.
أما الأدوار الأخرى، أي الدور الإنتاجي، الدور المجتمعي والدور السياسي، فهي متغيرة وفقاً للتغيرات الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والدينية والسياسية التي تؤثر على المرأة وبذلك على المجتمع.
في مجتمعنا الحالي، المرأة هي قوة عمل فاعلة في أغلبية المراكز ومصادر الإنتاج، لكنها ليست هي التي تأخذ القرار إذ يتم تهميش دورها، ولا تُهيء من قبل المجتمع على دور إنتاجي بل يتم حصر دورها بالدور الإنجابي.
النوع الإجتماعي أو الجندر هو مصطلح يطلق على العلاقات والأدوار الإجتماعية والقيم التي يحددها المجتمع للجنسين(الرجال والنساء)، وتتغير هذه الأدوار والعلاقات والقيم وفقاً لتغير المكان والزمان وذلك لتداخلها وتشابكها مع العلاقات الإجتماعية الأخرى مثل الدين والطائفة، الطبقة الإجتماعية، العرق،الجنس، الخ. وبالرغم من أن هذه العلاقات متغيرة في مؤسسات المجتمع المختلفة إلاّ أن جميع هذه المؤسسات تقاوم التغيير.

والنوع الإجتماعي كمفهوم هو عملية دراسة العلاقات المتداخلة بين الرجل والمرأة في المجتمع، تحدد هذه العلاقات وتحكمها عوامل مختلفة إقتصادية وإجتماعية وثقافية وسياسية وبيئية عن طريق تأثيرها على قيمة العمل في الأدوار الإنجابية والإنتاجية والتنظيمية التي يقوم بها الرجل والمرأة معاً ( وحدة مفهوم الجندر ـ اليونيفام 2000).

ويقوم الجندر بدراسة هذه العلاقة بين الرجل والمرأة ويود ردم الفجوة ما بينهما وله علاقة بالتنمية التي هي توفير الآليات والأساليب والوسائل للفرد للحصول على فرص متساوية.

عندما نتكلم عن المساواة ما بين الرجل والمرأة، نريد تحقيق إدماج منظور تنموي يراعي الفروق بين الجنسين في التشريعات والسياسات العامة والبرامج والمشاريع من أجل زيادة قدرة المرأة في صنع القرار السياسي والإقتصادي . لذلك علينا قبل كل شيء تعريف الخطأ من الصواب، تحديد عناصر التغيير والتخطيط على جميع المستويات، فالتغيير ليس عفوي، بل يتطلب بناء إنساناً جديداً بعقلية جديدة.

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: هل ما نريده هو تطبيق نظرية الجندر المعمول بها في غير بلدنا والتي وُضعت حسب معايير غربية بعيدة عن واقعنا الإجتماعي وتاريخنا؟ ألن يزيد المشكلة تعقيداً كونه جسم غريب علينا؟ أم أنه توجد عقيدة فلسفية درست واقع المجتمع وأعطت حلولاً لبناء الإنسان الجديد الذي يعمل للحق والخير والجمال؟

هذا الإنسان الجديد الذي هو العامل الأولوي الأساس لنهضة المجتمع الحقيقية قامت ببنائه عقائدياً وعمليا العقيدة السورية القومية الإجتماعية التي وضعها أنطون سعاده، ويجسّد حقيقة وجوده على أرض الواقع السوريون القوميون الإجتماعيون، وذلك في مختلف ميادين الحياة.
إعتبر أنطون سعاده المرأة نصف المجتمع، وأكدّ على ضرورة مشاركتها الفعّالة في أخذ القرارات، كما دافع عن قضاياها ( قضية الأديبة مي زيادة) وكان بذلك السبّاق في إرساء نظرية المساواة بين الجنسين.

منذ تأسيسه في 16 تشرين الثاني 1932، قام الحزب السوري القومي الإجتماعي، الذي هو الأمّة السورية المصغرة، وغايته "بعث نهضة قومية اجتماعية تكفل تحقيق مبادئه وتعيد إلى الأمة السورية حيويتها وقوتها. وتنظيم حركة تؤدي إلى استقلال الأمة السورية استقلالا تاما وتثبيت سيادتها وإقامة نظام جديد يؤمن مصالحها ويرفع مستوى حياتها والسعي لإنشاء جبهة عربية " بتطبيق المساواة بين المرأة والرجل، وإعتبر أنهما أي المرأة والرجل هما عنصران متفاعلان ومتكاملان داخل المجتمع السوري.

تقوم العقيدة السورية الإجتماعية بإلغاء جميع أنواع التمييز العنصري او الجنسي او الطائفي أو العرقي، وتحرر الإنسان في مجتمعنا من تعقيدات الماضي والذي يسميها سعاده" الأمراض الإجتماعية "، وتحرر الرجل من عقدة التفوق على المرأة التي كانت سائدة في المجتمع الشرقي، فلا تفوق لجنس على آخر إلاّ من خلال كفاءته وعمله وما يقدمه لوطنه.

المرأة هي جزء من حركة المجتمع التغييرية، ويعتبرها الحزب السوري القومي الإجتماعي عنصر ووسيلة أساسية للتنمية والنمو، إذ أن العقيدة تقول بالتوازن ما بين أفراد المجتمع الواحد، والتفاعل ما بين الأفراد، فتجعل من الفرد مشاركاً، منتجاً، مستدام التنمية ومتمكن، متفاعل مع غيره ومع مجتمعه ومع أرضه، وهذا التفاعل يكون أفقياً وعامودياً.
إذا إطلعنا على كتابات أنطون سعاده الفلسفية، الإجتماعية، السياسية والأدبية المستندة إلى علم الإجتماع والعلوم الأخرى (1)، وعلى مواد دستور الحزب السوري القومي الإجتماعي الثمانية الأساسية والخمسة الإضافية والقوانين الدستورية والنظام الداخلي، وكذلك على تاريخ الآداء النضالي العملاني لأعضاء الحزب، لا نلحظ أي نوع من التفرقة بين الرجل والمرأة، ولا يوجد أي قول من الأقوال خاص بالمرأة يقوم بتمييزها عن الرجل، بل على العكس.
فالمرآة في الحزب السوري القومي الإجتماعي مواطنة مثل أي مواطن آخر، ما من حقها هو من حق الرجل وما من واجبها هو من واجب الرجل. لها حق في إبداء الرأي، والمشاركة في أخذ القرارات السياسية والإدارية،والمادة الثامنة من الدستور صريحة بذلك(2)، ولها تكافؤ الفرص في الحصول على المراكز القيادية وفي العملية الإنتخابية للترشح وللترشيح لإنتخاب قادة الحزب ورئيسه، يتم تعيينها في مراكز ادارية وتكليفها لمهمات بناءً على مؤهلاتها الثقافية والعلمية والعملية النضالية. مثال على ذلك، نرى الرفيقة السورية القومية الإجتماعية تصبح أمينة، أي يحق لها إنتخاب رئيس الحزب، ولما لا أن تُنتخب لتصبح رئيسة للحزب إذا تواجدت فيها الكفاءة اللازمة. ومن الرفيقات مَن أصبحن عميدة في إحدى العمدة، منفذة في منفذية بيروت، مديرة مديرية، الخ..

أما مشاركة الرفيقة في العمل النضالي والعسكري، فقافلة الإستشهاديات والشهيدات من الحزب السوري القومي الإجتماعي أمثال سناء محيدلي وغيرها الكثيرات هي خير دليل على ذلك.

أما بالنسبة لتكافؤ الفرص الإنتاجية، فلا تفرقة بين تأسيس المرأة عقائدياً أو عسكرياً مع الرجل إن كان ذلك من خلال الحلقات الإذاعية العقائدية الفكرية أو التدريبات العسكرية والمشاركة العملانية.

من الملاحظ أن المرأة التي إعتنقت مبادىء النهضة السورية القومية الإجتماعية تسعى غالباً الى التحصيل العلمي المتقدم والتفوق في دراساتها والى المشاركة في الإنتاج الأدبي والفكري والثقافي في المتحدات وعلى كافة التراب السوري، كما أن مشاركتها في العمل الإجتماعي وفي الجمعيات الأهلية لافتة للنظر ومبينة على مدى فعل عقيدة النهضة في نفوس أبنائها.

وبحكم إلغاء جميع أنواع الطائفية والتفرقة الدينية ، نرى حولنا عائلات سورية قومية إجتماعية يكون فيها الأبوين من طائفة ودين مختلفين، يحترم كل واحد منهما المعنقدات الدينية للآخر. "إن من المزايا الثقافية الأساسية في بلادنا أننا لا نهتم كثيراً بمشاعر المرأة ولا بشعور الحب لديها، مع أن هذا الشعور هو حق مبدأي لها." ( د.فرنسوا إبراهيم نعمة)
أما المادة التاسعة من الدستور(3)، فهي واضحة بالنسبة لمساواة المرأة والرجل، ونلحظ في قَسَم الإنتماء فيها العبارة التالية: "وأن أتخذ مبادئه القومية الإجتماعية إيماناً لي ولعائلتي وشعاراً لبيتي" التي تؤكد أن المشاركة والتكامل مطلوبين من العضوين الأساسيين في العائلة، الأب والأم، فالأسرة كمتحد مصغر هي خزان القيم للمجتمع التي تنقلها إلى الأفراد.

ويؤكد سعاده على دور التربية القومية المبنية على الثقة بالنفس بهدف شدّ العصبية القومية وبناء ثقة بمستقبل البلاد ونهضة حقيقية من أجل الحق والخير والجمال للمجتمع.(4)

تأكيداً على أهدافه، وعلى صعيد الكيان اللبناني، قدّم الحزب السوري القومي الإجتماعي مشروع قانون الزواج المدني الإختياري إلى مجلس النواب اللبناني لإقراره( لكن الطغمة الطائفية التي ستخسر نفوذها لو أُقرّ حاربته)، وطالب بتوحيد قوانين الأحوال الشخصية في البلاد بحيث أن القوانين تشمل جميع المواطنين، ودعم كل مشروع قانون يلغي التمييز ضد المرأة ( الضمان الإجتماعي، مشروع الإنتخاب). أمّا في الكيان الشامي، نجد أن رفيقات رشحهن الحزب لتبؤ مركز نائب في مجلس الشعب قد تمّ إنتخابهن وأثبتن جدارتهن في العمل السياسي والإجتماعي.

خلاصة، نرى أن العقيدة السورية القومية الإجتماعية أثبتت أن المرأة في المجتمع قادرة على :
· المشاركة في صنع القرار وفي ممارسة حقوقها والقيام بمسؤولياتها في تخطيط السياسات في الحياة الوطنية /القومية ورسمها
· المشاركة في جميع مستويات الحياة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والعسكرية
· تعديل وتطوير وحتى تغيير أدوارها في المجتمع من إمرأة ـ أنثى ـ أم ـ مربية ـ ربة منزل إلى إمرأة ـ رفيقة ـ قيادية ـ مقاتلة ـ مربية أجيال ـ مبدعة ، مشاركة الرجل في القرارات المصيرية الهامة
· تغيير نظرة المجتمع تجاهها، فأصبح المجتمع يعتبر المرأة إنساناً كامل الأهلية والقدرة، كائن بنفسه لا بغيره، متفاعل مع غيره في بناء مجتمع متوازن ومتطور
· أخذ الأهداف والوسائل لجعلها متساوية الحقوق والواجبات مع الرجل، من خلال إعادة التوازن إلى العلاقات بين الذكور والإناث، داخل الأسرة وفي المجتمع
· أخذ حقوقها : قوانين الحزب ونظامه الداخلي بما يتعلق بالعمل والأحكام
· أن يكون تحفيزها صلباً بإتجاه موضوع وحدة المجتمع والأرض والأمّة

ختاماً، أود التأكيد على قدرة الإنسان ذكراً كان أم أنثى على تحويل ما هو مرسوم مفروض إلى حرية الإختيار والإختيار بحد ذاته.( ف.ا.ن)


هوامش ومصادر


(1) نذكر من كتابات أنطون سعاده: الآثار الكاملة ـ المحاضرات العشر ـ نشوء الأمم ـ الإسلام في رسالتيه ـ الصراع الفكري في الأدب السوري ـ فاجعة حب ـ رسائل إلى ضياء ـ رسائل حب ـ الخ، دون نسيان مقالاته ودراساته المتنوعة في عدة صحف ومجلات في الوطن والمهجر

(2) المادة الثامنة من دستور الحزب السوري القومي الإجتماعي:

" لكل عضو في الحزب السوري القومي الإجتماعي حق إبداء الرأي في الإجتماعات النظامية العامة والخاصة، في كل ما يتعلق بغرض الإجتماع وحين يباح الكلام، وله حق إبداء الرأي لأي مرجع أعلى في كل ما يتعلق بشؤون الحزب الإدارية، بشرط أن يأتي إبداء الرأي رسمياً بواسطة التسلسل، وله حق إبداء الرأي في خطط الحزب السياسية والإقتصادية للمراجع والهيئات المختصة رأساً، وله حق الإتصال كتابة أو شخصياً، بالمراجع العليا حتى المجلس الأعلى."
(3) المادة التاسعة من دستور الحزب السوري القومي الإجتماعي:

" كل سوري ذكراً كان أم أنثى، يحق له دخول الحزب السوري القومي الإجتماعي على أن تتوفر فيه الشروط الآتية:

· أن يكون قد بلغ السادسة عشرة من عمره

· أن لا يكون قد تجاوز الأربعين من عمره، إلا بإذن خاص

· أن لا يكون مجرماً ضد المجتمع أو ضد الأمّة

· أن يدين بالقومية السورية الإجتماعية، ويعتنق مبادىء الحزب السوري القومي الإجتماعي ونظامه
· أن يكون مستعداً لأداء القسم الآتي والتقيد به:" أنا.. أقسم بشرفي وحقيقتي ومعتقدي على أنني أنتمي إلى الحزب السوري القومي الإجتماعي بكل إخلاص وعزيمة صادقة، وأن أتخذ مبادئه القومية الإجتماعية إيماناً لي ولعائلتي وشعاراً لبيتي، وأن أحتفظ بأسراره فلا أبوح بها لا بالقول ولا بالكتابة ولا بالرسم ولا بالحفر ولا بأية طريقة أو وسيلة أخرى ، لا تطوعا ولا تحت أي نوع من أنواع الضغط، وأن أحفظ قوانينه ونظاماته، واخضع لها ، وان أحترم قراراته وأطيعها وأن أنفذ جميع ما يعهد به إلي بكل أمانة ودقة ، وأن أسهر على مصلحته مقتدياً بمنشئه الزعيم، وأن أؤيد مؤسساته الدستورية وسلطاتها،وأن لا أخون الحزب، ولا أي فرع من فروعه، ولا أفراده، ولا واحدا منهم، وان أقدم كل مساعدة أتمكن منها إلى أي عضو عامل من أعضاء الحزب متى كان محتاجا إليها ، وان افعل واجباتي نحو الحزب بالضبط . على كل هذا أقسم أنا …"

(4) انطون سعاده ـ من محاضرة " المبادىء الدينية والتربية القومية" ألقيت في جمعية العروة الوثقى ـ الجامعة الأميركية 1932:

".. إذ بنا يبلغ من ضعف تربيتنا القومية وإهمالنا أمرها، أن تنشأ بيننا اعتقادات غريبة كالإعتقاد بأن الضعف مقدرة. نأخذ مثلاً القول الشائع بأن للسوريين مقدرة عظيمة على تقليد الشعوب الأخرى، ومجاراتها في أساليبها وطرق تفكيرها، تقليداً ومجاراة لم يكونا لغيرهم من الأمم. أقول، إن هذه المقدرة، الدالة على بعض مزايا الفهم الحسنة، هي الضعف بعينه، فهي دليل بيّن على عدم وجود تربية قومية سورية تحمل الشعب على الإحتفاظ بنفسية وعقلية سوريتين صحيحتين. فالسوري للأسف، أينما وجد اليوم، يتبع غيره، فهو في الجامعة الأميركية، مثلاً، يقلد الأميركان، وفي المدارس الفرنسية يقلد الفرنسيين. وقلّ أن ترى سورياً يسير على طريق خاصة به، وهذا عيب من أكبر عيوبنا القومية. لقد آن الأوان للضرب بمثل الاعتقاد المتقدم عرض الحائط، وأن ننشئ لأنفسنا تربية قومية مؤسسة على المبادئ الشعبية الصحيحة التي تقوي فينا روح احترام النفس والثقة بالنفس، وأن نوجد لأمتنا مركزاً محترماً بين الأمم القريبة والبعيدة ، وأن نحقق نحن بأنفسنا مطلبنا الأعلى الذي نفتخر بأنه يمثل مزايانا الخاصة بكل ما فيها من الروح السليمة والمدارك العقلية العالية ، ونجعله منارنا الخاص الذي يهدينا إلى ما فيه فائدتنا وفائدة البشرية جمعاء .إن في الحياة السورية مثلاً أعلى هو العمل للخير العام في ظل السلام والحرية . وإن تحقيق هذا المثل واجب مقدس يدعو كل واحد إلى القيام بنصيبه منه. فلنجمع قلوبنا حول مطلبنا الأعلى، وحذار من الإلتفات إلى الوراء.الأمة التي تنظر دائماً وأبداً إلى الوراء لا تستطيع السير إلى الأمام ، وإذا هي سارت فإنها تتعثر . فلننظر دائماً إلى مثلنا الأعلى .. إلى الأمام "

بحث هذه المدونة الإلكترونية

أرشيف المدونة الإلكترونية

Powered By Blogger
Powered By Blogger
Powered By Blogger

المتابعون


Translate

المشاركات الشائعة

المشاركات الشائعة